تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بروحو يكشف عن وصفة الحكومة لمضاعفة الاحتياطات من العملة الصعبة في ثلاثة أاسئلة

منذ تنصيب حكومة الاستاذ عبد الاله ابن كيران، والاحتياطات النقدية للمغرب تسجل ارتفاعا متواصلا، بفضل الاجراءات والسياسات الاقتصادية التي تنهجها الحكومة، حيث انتقل صافي الاحتياطي من العملات الأجنبية من 145.8 مليار درهم في 2013، لتصل الى 229,5 مليار درهم في يناير 2016.

pjd.ma أجرى حوارا مع عبد اللطيف بروحو، الخبير في المجال المالي والاقتصادي، وعضو الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية، للتعرف على وصفة الحكومة التي مكنتها من النجاح في الرفع من الاحتياطات النقدية للمغرب، ولأية أهداف؟.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

1-   بداية ما المقصود بالاحتياطات النقدية؟

المقصود بها كمية العملة الصعبة التي تتوفر عليها الدولة كاحتياطي نقدي مباشر، والذي يضمن من جهة تمويل عمليات الاستيراد للسلع وللخدمات التي يحتاجها المغرب، ومن جهة ثانية ضمان تسديد القروض الخارجية التي يحول أجل تسديد مبالغها خلال السنة المالية.

 وفي العادة تلجأ جميع الدول لزيادة مخزونها من العملة الصعبة أو الحفاظ على الأقل على مستوياته في حد أدنى يقاس بالفترة التي تمكن أي دولة من تغطية وارداتها، وقد تمكنت الحكومة الحالية بالمغرب منذ أزيد من سنتين وبشكل تدريجي من رفع احتياط المملكة من العملة الصعبة (الدولار واليورو) بحيث انتقل من حوالي ثلاثة أشهر إلى أزيد من ستة أشهر في الوقت الراهن مما يجعل الاقتصاد الوطني في وضع مريح نسبيا على هذا المستوى.

وعادة ما تساهم عدة قطاعات ومجالات في رفع الاحتياطي من العملة الصعبة، وبشكل خاص القوة التصديرية للسلع والخدمات، وموارد السياحة، وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، ثم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع العلم أن كل مجال من هذه المجالات يعرف بدوره نقاش مقابلة يتم خصم جزء من موارده بالعملة الصعبة.

2-   ما أهم الجهود التي بذلتها الحكومة للوصول الى هذه النتيجة الاقتصادية أو المؤشر الايجابي؟

يمكن القول إن ارتفاع الاحتياطي النقدي يرتبط بنوعين من الأسباب، أسباب خارجية تتعلق بالأساس بالانخفاض الكبير في سعر النفط الخام والمواد البترولية المكررة وعدد من المواد الأساسية مثل الحبوب والسكر على مستوى السوق الدولية، وهو ما خفف فاتورة استيراد المواد النفطية  بأزيد من 70  بالمائة، وهي الفاتورة التي كانت تؤدى بالعملة الصعبة وتستنفر الاحتياطي المغرب من العملة الصعبة.

ومن جهة ثانية، نجد المجهود الحكومي الذي ينصب بالأساس على دعم الاستثمارات عبر استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي فاق معدل تطورها خلال السنوات الأخيرة 30 بالمائة سنويا، وكذا تحسين القدرة التنافسية للمقاولات المغربية ودعم القطاع  الصناعي والاستمرار في دعم واستقطاب الاستثمارات في  مجال التجارة والخدمات.

فالحكومة المغربية نجحت بشكل كبير في التعامل مع الانخفاض الكبير لأسعار البترول عالميا، واستطاعت دعم وتحفيز الاستثمارات المغربية ذات القوة التصديرية، ووفرت البيئة السياسية الاقتصادية الفعالة التي نجحت في استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

3-    ما هي الاشياء أو البرامج التي يجب على الحكومة التركيز عليها في الفترة المقبلة للزيادة في حجم هذه الاحتياطات؟

يحتاج المغرب بشكل مستمر لرفع احتياطه من العملة الصعبة نظرا لاختلال الميزان التجاري منذ سنة 2004، ولم تستطع الحكومات السابقة معالجة هذا الاختلال نظرا لعدة متغيرات في السوق الدولية مقابل ضعف نموذجنا التنموي وعدم قدرته على دعم الاستيراد.

ويمكن القول إن المغرب قد نجح في الوقت الراهن في تقليص عجز الميزان التجاري بشكل كبير وأصبحت قيمة  صادراته تغطي أزيد من ثلثي قيمة الواردات (بعد أن كانت تقل عن 45 بالمائة قبل بضعة سنوات) واستطاع استقطاب نسب هامة جدا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لكنه مع ذلك لا يكفي لمعالجة عجز ميزان الأداءات الذي يعتبر المحدد الأساسي لضمان رفع احتياطي العملة الصعبة.

وفي هذا السياق فإن الحكومة مطالبة بمراجعة النموذج التنموي modèle de développement  الذي بلغ مداه منذ عدة سنوات، وتبدو بالتالي الحاجة ملحة لجعل القطاعين الصناعي والفلاحي في صدارة مركبات النمو، وإعداد قانون إطار متكامل للاستثمار يكون أساس التحفيز والدعم الذي تقدمه الدولة للقطاع الخاص.

كما يتعين الاهتمام أكثر بالمغاربة المقيمين بالخارج وتشجيعهم على الاستثمار في المغرب عبر إجراءات تنظيمية وضريبية تحفيزية، عوض الاقتصار على استقبال تحويلاتهم من العملة الصعبة. فنجاح الحكومة في استرجاع التوازنات الاقتصادية والمالية، وتجنيب المغرب خطر الأزمات التي كانت تهدده، يتعين أن يكون حافزا لها على مباشرة جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية لمعالجة الإشكالات المرتبطة بالميزان التجاري وميزان الأداءات.